الخصائص المذهلة للماكا
إخلاء المسؤولية
لم يتم اعتماد هذه المدونة من قبل الجهات الصحية المحلية ولا تهدف إلى تقديم التشخيص أو العلاج أو المشورة
إحدى الظواهر المذهلة في الطبيعة هي تكيف النبات أو الحيوان مع بيئته. ومن حيث صلة هذا بالآثار الطبية للنبات، فإن تكوين المركبات الفعالة يمكن أن يتأثر بشكل كبير بالجغرافيا والارتفاع والمناخ وغيرها من العوامل. تؤدي هذه الظروف البيئية عادة إلى تكوين عوامل حماية داخل النبات لمساعدتها على البقاء على قيد الحياة. وغالبًا ما يكون لهذه المركبات كذلك تأثيرات كبيرة في تحسين صحة الإنسان.
أحد الأمثلة الرائعة على هذا التأثير البيئي الذي يؤدي إلى تفسير آخر للصيغة الكيميائية داخل النبات هو الماكا البيروفية_(Lepidium meyenii). هذا العضو الساحر من عائلة الكرنب هو أحد أقرباء اللفت، ولكن تصنيفه مع نباتات الفصيلة الكرنبية الشائعة هو تقريبًا بمثابة إساءة لفوائده الصحية، حتى مع وجود أعضاء آخرون من عائلة الكرنب يمتلكون قائمة بالفوائد الصحية الخاصة بهم. المفاد هو أن الماكا مميزة وتستحق الاحترام المرتبط بها.
تمهيد عن الماكا
تعود أصول الماكا إلى منطقة بونا الشمالية في البيرو وبوليفيا حيث يكون الارتفاع عادة بين 11-14 ألف قدم، تمامًا فوق خط الأشجار، ولكن تحت القمة الثلجية الدائمة. الماكا هي أعلى محصول طعام في العالم من حيث الارتفاع. منطقة بونا هي بيئة صعبة جدًا للمحاصيل التي تتجاوز ارتفاعها. ففي أي وقت من العام تتراوح درجات الحرارة ما بين تحت درجة التجمد إلى 60 درجة فهرنهايت. حتى عندما تتعرض المنطقة للجفاف بخصوص الهطول المطري، إلا أن الرطوبة تبقى مرتفعة إلى حد ما. ونتيجة لذلك فإن موجات الصقيع تحدث بشكل متكرر حتى خلال موسم النمو. خلاصة الأمر أنه ينتج عن كل هذه العوامل البيئية التركيب الكيميائي المميز للماكا البيروفية.
الماكا هي نبات صغير ينمو بطول 6 إنشات تقريبًا. وجذره الذي يشبه اللفت يتراوح قطره بين 1-3 إنشات عند الحصاد. هذا هو الجذر الذي حافظ على قيمته لآلاف السنين لقدرته على زيادة الطاقة والتحمل والخصوبة. وبالنسبة لشعب بونا فإنه ما يزال طعامًا قيمًا.
الماكا لاذعة، وهذه كلمة مهذبة لوصف طعمها القوي والمر. ولكن لها طعم حلو كذلك. إنها نكهة مثيرة وغير عادية، وهنالك تباين في الطعم بسبب التغييرات في ظروف نموها. كما أن هنالك أشكال مختلفة من الماكا التي تختلف بتركيبها الكيميائي واستخداماتها. تنمو الجذور في ثلاث مجموعات لونية أساسية:
- الماكا الصفراء تشكل حوالي 60% من جذور الماكا المحصودة في البيرو. وهي الأكثر استخدامًا، وأكثر شكل أجري عليه أبحاث من جميع منتجات الماكا. وهي تعمل على تعزيز الطاقة وتحسين التركيز وموازنة الهرمونات.
- الماكا الحمراء تشكل حوالي 25% من المحصول السنوي، وهي ذات الطعم الأكثر حلاوة من جميع مساحيق الماكا. أظهرت الدراسات أنها تمتلك أعلى مستويات من المواد الكيميائية النباتية من بين جميع ألوان الماكا. وتعتبر أكثر نوع فعال من الماكا للنساء بسبب تأثيراتها في توازن الهرمونات وكذلك تأثيرها على صحة العظام.
- الماكا السوداء هي الأكثر ندرة من بينها جميعًا، وتشكل حوالي 15% من المحصول السنوي. أظهرت الدراسات أن الماكا السوداء الأكثر فعالية للرجال، خصوصًا لبناء العضلات والتحمل والتركيز الذهني والرغبة الجنسية.
القيمة الغذائية والكيمياء النباتية للماكا
مسحوق الماكا المجفف غني بالمواد الغذائية خصوصًا بالمعادن مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والزنك والبوتاسيوم. كما أنه يحتوي على 13-16% من البروتين وهي غني بالأحماض الأمينية الأساسية. وهو غني كذلك بالألياف (8,5%) والكربوهيدرات (59%) والأحماض الدهنية الحرة (2,2%). وعلى الرغم من خصائصه الغذائية ممتازة، إلا أن الأكثر إثارة هو المواد الكيميائية النباتية في الماكا. هنالك الكثير من المركبات المميزة، ولكن أولًا من المهم الإشارة إلى أن أعضاء الفصيلة الكرنبية معروفة بأنها جميعها تحتوي على مركبات تعرف باسم الجلاكوسينولات. هذه المركبات هي قيمة لأنها مضادة للسرطان وهي موجودة في الكرنب والملفوف والبروكلي إلخ... وهي تؤثر على الاستقلاب الهرموني بطرق إيجابية. الجلاكوسينولات الموجودة في الماكا تتميز بوجود بنزيل الجلاكوسينولات والجلوكوتروباولين التي لها أهمية خاصة في عملها.
كما تحتوي الماكا كذلك على بعض القلويدات المميزة التي يشار إليها مجتمعة باسم الماكاميدس وتضم الماكاريدين والماكايين. القلويدات هي مركبات سريعة المفعول بشكل عام. وهذه القلويدات الموجودة في الماكا يؤثر عملها على آلية التحكم المركزية في منطقة ما تحت المهاد والغدة النخامية والغدة الكظرية وغيرها من أعضاء جهاز الغدد الصماء. الكثير من تأثيرات الماكا المتأقلمة مرجح حدوثها بسبب هذه المركبات القيمة.
الانثوسيانيدين والفلافونيدات الأخرى المشهورة بوجودها في التوت هي المسؤولة عن صبغ الماكا باللون الأسود والأحمر. هذه الأصباغ تساهم كذلك في بعض الفوائد الصحية، خصوصًا في النشاط المضاد للأكسدة.
كما تحتوي الماكا على الألكميدات. تشتهر هذه المركبات بأنها المكونات التي تعطي شعورًا بوخز اللسان الموجود في القنفذية.
أخيرًا، تحتوي الماكا على عدد من الستيرولات والتي تشمل براسيكاستيرول وبيتا-سيتوستيرول والكامبيستيرول وستيغماستيرول.
عندما أنظر إلى التركيب الكيميائي للماكا، عندها يمكنني أن أفهم بالتأكيد لماذا لها هذا الطعم المميز كطعام، ولكن يمكنني كذلك أن أرى كيف أن الاختلافات الدقيقة في نسب هذه العناصر الفعالة في أنواع الماكا المختلفة وكذلك في مستخلصها الجيلاتيني يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات مختلفة.
المستحضرات التجارية من الماكا
مسحوق الماكا البيروفية يحضر من الجذور التي يتم حصادها وتجفيفها تحت الشمس وتنظيفها وطحنها إلى مسحوق ناعم. خلال هذه العملية لا يتم تسخين الجذور على درجة حرارة أكثر من 45 مئوية (115 فهرنهايت)، وبهذه الطريقة يتم الحفاظ على الحد الأقصى من العناصر الغذائية والأنزيمات والجلاكوسينولات المفيدة.
عند تحضير مسحوق الماكا الجيلاتيني، أولًا يتم غلي الجذور المجففة تحت الشمس ثم يتم ضغطها من أجل إزالة جميع المحتوى النشوي. يلزم 4 كغ من مسحوق الماكا لتحضير 1 كغ من مستخلص الماكا الجيلاتيني (أي بنسبة 4:1). تسخين الماكا يدمر الأنزيمات ويغير بعض الجلاكوسينولات، ولكنه يركز الكثير من المركبات الفعالة ويجعلها أسهل للهضم كذلك. على سبيل المثال: يزيد التسخين من تكوين السلفورافين وهو أحد مشتقات جلاكوسينولات الماكا والذي يعرف بأنه عنصر في براعم البروكلي.
الفوائد الصحية للماكا
الماكا عبارة عن طعام. ولذلك هنالك دليل لدعم تأثيراتها المعززة للصحة. بما أن شعب البيرو الأصلي من وسط الأنديز يتناولها بشكلها المجفف الطبيعي بكميات أكثر من 20غ في اليوم، فإن هنالك دراسة سكان تاريخية للبحث في أمان وآثار الماكا. إحدى الدراسات على وجه الخصوص جديرة بالذكر. قامت الدراسة وبناء على استقصاء تقييم استهلاك الماكا والجوانب الاجتماعية الديموغرافية والحالة الصحية والكسور لدى الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 35-75 عامًا في مجتمع الدراسة. ما أشارت إليه الدراسة كان أن تناول الماكا كان مرتبطا مع نتائج أعلى بكثير في الحالة الصحية. كما أنه كان مرتبطًا بنسبة كسور أقل ونتائج أقل لعلامات وأعراض مرض الجبال المزمن. بالإضافة إلى ذلك، فإن تناول الماكا كان مرتبطًا مع انخفاض مؤشر كتلة الجسم وضغط الدم.
أظهرت دراسة أخرى نتائج مماثلة للنتائج الصحية، ولكنها أظهرت أن تناول الماكا كان مرتبطًا مع انخفاض مستويات إنترلوكين-6، وهو مؤشر مهم للالتهابات والضرر الناتج من الأكسدة. تم ربط ارتفاع مستويات مصل إنترلوكين-6 بالشيخوخة والبدانة وزيادة حدوث أمراض القلب والأوعية والضعف الإدراكي وقصر متوسط العمر. كما أن ارتفاع مستويات إنترلوكين-6 مرتبط أيضًا بالعيش على ارتفاعات عالية. وهكذا يظهر بأن الطبيعة قدمت إجابة للأشخاص الذين يعيشون على مرتفعات علية في جبال الأنديز.
الماكا والأداء الجنسي
إحدى فوائد الماكا المعروفة هي تحسينها للرغبة والأداء الجنسي لكل من الرجال والنساء. أكدت التجارب المخبرية هذه الخصائص، بما في ذلك فوائد الماكا في وظيفة الانتصاب. بالنسبة للرجال لا تظهر تأثيرات الماكا مباشرة على مستويات التستوستيرون، ولكنها تؤثر على جهاز الغدد الصماء بأكمله للتقليل من التأثيرات السلبية للضغط وتحسين المزاج والطاقة والتحمل. كما تستجيب النساء جيدًا للماكا. على سبيل المثال، في تجربة صغيرة عشوائية ثنائية التعمية محكومة بعلاج وهمي على النساء المنقطع عنهن الطمث، ظهر أن الماكا تقلل من القلق والاكتئاب وتخفض من تدابير العجز الجنسي.
والحقيقة أن العجز الجنسي شائع جدًا في المجتمعات الحديثة حول العالم ويؤثر على 20-30% من الرجال و 40-45% من النساء. معظم حالات العجز الجنسي مرتبطة بقلة الرغبة الجنسية لدى كل من الإناث والذكور وضعف الانتصاب لدى الرجال. بما أن الماكا تؤثر على كل من المسببات الرئيسية للعجز الجنسي وتحسنه، فإنه ليس مستغربًا أن استخدامها أصبح السبب في أن معظم الرجال والنساء يريدون إضافة الماكا إلى نظامهم الغذائي.
الماكا كأدابتوجين (نبات متأقلم)
تحمل الماكا جميع المعايير ليتم تصنيفها كـ "أدابتوجين (نبات متكيف)". وعلى الأرجح أن هذا هو السبب الذي يجعل بعض المسوقين يشيرون إليها على أنها الجينسنغ البيروفي. الماكا ليست من عائلة الجينسنغ، ولكنها تمتلك نشاط أدابتوجيني شبيه بالجينسنغ. استخدمت الأدابتوجينات (النباتات المتكيفة) تاريخيًا من أجل:
- إعادة الحيوية للأشخاص الضعفاء
- زيادة الشعور بالطاقة
- تحسين الأداء العقلي والجسدي
- تجنب الآثار السلبية للإجهاد وتحسين استجابة الجسم للإجهاد
إحدى النتائج المتسقة في البيانات البشرية المخبرية هي أن الماكا تحسن المزاج وتقلل الشعور بالإجهاد والقلق وتزيد مستويات الطاقة الملموسة.
الماكا وضغط الدم
إحدى النتائج في الدراسة المذكورة أعلاه لدى سكان الأنديز من البيرو كانت تأثير الماكا في انخفاض ضغط الدم. أظهرت دراسة ثنائية التعمية على الرجال ذوي الصحة الجيدة أن الماكا الجيلاتينية قللت من ضغط الدم الانقباضي والانبساطي بعد 12 أسبوعًا من استخدامها. وفي دراسة أخرى على النساء بعد انقطاع الطمث أظهرت كذلك تأثير مسحوق الماكا العادي في تخفيض ضغط الدم.
توصيات عملية
الجرعة القياسية من مسحوق الماكا المجففة أو الجيلاتينية عادة يكون 1500-300 ملغم مرة أو مرتين في اليوم. قد يتطلب تناول جرعة أكبر للحصول على تأثيرات علاجية أكثر، ولكن لتحسين الصحة العامة فإن الجرعة 1.5-6 غ يوميًا مناسبة.
تذكر أن هنالك استجابات شخصية للماكا مثل أي طعام آخر. إذا كنت أصغر، فربما تحتاج للبداية بالحد الأدنى من الجرعة. وإذا كنت أكبر فتناول الحد الأعلى من الجرعة.
يمكن تحمل الماكا بشكل عام. إذا تسببت بتهيج الجهاز الهضمي فتناول الشكل الجيلاتيني.